أحسست بالضجر بعد يوم مثقل بالدروس فلم أجد سوى الغابة ملاذا فلعلّ الأبدان تسترجع حيويـّتها و العقول تستعيد طاقتها . وصلتُ الغابة ، كم كانت مدهشة ، أشجار متهدّلة تتدلـّى على سوقها غنيـّة بالثمار ، أزهار متفتـّحة يفوح طيبها و يملأ الجو عبيرا . أخذت أطوف بين ما فاح من أزهار و اخضرّ من أشجار مستمتعا بما حبا الله الطبيعة من جال و سحر. و بغتة أبصرت أولادا يحطـّمون أغصان الأشجار الخضراء. فحزّ في نفسي و دنوتُ منهم قائلا :" لماذا تحطـّمون هذه الأشجار الجميلة المباركة؟"
لم يلتفتوا إليّ و لم يبالوا بكلامي ، و واصلوا قطع الأغصان ، فلم أستطع أن أتمالك نفسي و منعتهم عن ذلك مبيـّنا لهم الفوائد المتعدّدة للشـّجرة ، اتـــّكأت على الجذع مرتعشا من شدّة الغضب الذي انتابني و خاطبتهم :" أيـّها الصبيان ، إنــّكم تحطـّمون شيئا ثمينا دون أن تعرفوا قيمته . ألا تعلمون أنّ هذه الأشجار تعطينا الخشب لنصنع به أبواب بيوتنا ، ألا تعلمون أنّ الأسرّة التي تنامون عليها و الكراسي التي ترتاحون فوقها و الطاولات التي تدرسون عليها ، كلّ ذلك من خشب الأشجار ؟ ألم تتظلــّلوا يوما أثناء لفح الهجير بشجرة ؟ ألم تتمتــّعوا بنكهة الثمار و الغلال التي تزيـّن طاولة أكلكم كل يوم ؟
طأطأ الأطفال رؤوسهم خجلا و احتقنت وجوههم حمرة و لم ينبسوا ببنت كلمة و انصرفوا نادمين . أمـّا أنا فالتفتّ إلى الشجرة أتأمــّلها فشعرت كأنـّها تخاطبني شاكرة .
صنيعي فأحسست بنخوة لا توصف و أتممتُ نزهتي.
بلسم