أثناء الليل صاح الرضيع صيحة مزّقت السـّكون وطفق يبكي بحرقة دون توقـّف. فهبـّت إليه أمـّه الرّؤوم فزعة وحملته بين أحضانها الدّافئــــة و هدهدته برفق و لكن دون جدوى . وضعت الأمّ يدها الحنونة على جبين صغيرها الغالي فإذا حرارته مرتفعة وجسمه كأنـّه نار تلظـّى فأعدّت له مغلـّى بسباس فاتر وقدّمت له مشروبا مضادّا للألم ودهنت جذعه بماء الزّهر ووضعت خرقة مبلـّلة على جبينه ولكن دون جدوى فقد باءت محاولاتها بالفشل.
هاتفت الأمّ الفزعة الطّبيب الذي جاء على جناح السرعة. سأل الحكيم الأمّ عن علـّة رضيعها ثم شرع في تشخيص المرض ففحصه فحصا دقيقا و كشف عن صدره و أمعن النـّظر في أذنيه و حلقه و جسّ نبضه بعناية و قاس درجة حرارة جسمه الملتهب و لمـّا أنهى الحكيم عمله حرّر وصفة الدّواء و سلــّمها إلى الأمّ و طمأنها على رضيعها قائلا: «لا تخافي يا سيـّدتي، إنـّه مجرّد زكام خفيف و سيشفى قريبا بإذن الله "
تسلـّمت الأمّ الوصفة شاكرة وأسرع الوالد الى الصيدليّة واقتنى الدّواء وبعد المواظبة واظبت على استعماله إلى أن شفي رضيعها وعادت إليه عافيته.