مَدْرَسَتِـــــي الأُولَى – ذكريات وحنين لأيّام المدرسة
قد لا يدرك المرء غالبا قيمة الشيء إلاّ بعد فواته. وهذا الرجل يتحدث عن فضل مدرسته عليه، بعد أن فارقها.
كم يختلج صدري عندما أتذكّر المدرسة، و الرفاق الذين صرفت أكثر أيامي معهم مقاعد الدراسة و في ساحة اللعب و النزهات.
فالمدرسة هي طفولتـي، و مهدُ طُــهري و صباي، و عهدُ مرحي و فرحي، و مسرحُ أحلامي و أفكاري. فإذا ما سرت الآن في طرقاتها وجدت أثرا من ذاتي القديمة، و تمثّل لي خيال رفيق أحببته و صديق عاشرتهُ. و صرتُ كلما اجتزت مكانا منها أقول ˸ ˮ في هذا المكان مررت، و مع رفاقي على هذه التلّـــة جلست ، هنا تسلّقنا شجرة التّوت لنقطف ثمارها، ففاجأنا المعلم بتأنيبه، و على هذه الصخرة، و تحت ظلال تلك السنديانة جلسنا يوم كنّا في الثانية عشرة، نتغنى بأشعار حفظناها، فنردّدها فرحين معجبين !"
تلك الذكريات جميلة حلوة لن أنساها مهما طالت الأيام، و تكرّرت الأعوام.
إنّي نقمتُ على المدرسة يوم كنت داخلها، فكرهت فيها أحسن الأشياء لأني كنت أجهل حقائقها و مكنوناتها. ثم تركتها، فأحببت فيها كل الأشياء حتى أبسطها، و أكبرتُ شأنها، لأنها وضعت في يدي سلاحا أحارب به مصائب الحياة.
فالجرس الذي كانت أذناي تتخدّش لسماعه، أصبح صوته عندي أحسن من أي لحن موسيقي، و المقعد الذي كنت أدعو عليه بالكسر، صرت أودّ لو يَقوَى و يعمِّر!
يا أيها التلميذ العزيز، ستعلم مثلي ما لمدرستك عليك من فضل لكن بعد أن تفارقها و تدخل معترك الحياة. و يا ليتك تدرك اليوم ما ستدركه غدا، فتضاعفت جهودك حتى تكون في مستقبل أيامك رجلا نافعا لأمتك ووطنك.
ادمون صوايا
(بتصرف)
قد لا يدرك المرء غالبا قيمة الشيء إلاّ بعد فواته. وهذا الرجل يتحدث عن فضل مدرسته عليه، بعد أن فارقها.
كم يختلج صدري عندما أتذكّر المدرسة، و الرفاق الذين صرفت أكثر أيامي معهم مقاعد الدراسة و في ساحة اللعب و النزهات.
فالمدرسة هي طفولتـي، و مهدُ طُــهري و صباي، و عهدُ مرحي و فرحي، و مسرحُ أحلامي و أفكاري. فإذا ما سرت الآن في طرقاتها وجدت أثرا من ذاتي القديمة، و تمثّل لي خيال رفيق أحببته و صديق عاشرتهُ. و صرتُ كلما اجتزت مكانا منها أقول ˸ ˮ في هذا المكان مررت، و مع رفاقي على هذه التلّـــة جلست ، هنا تسلّقنا شجرة التّوت لنقطف ثمارها، ففاجأنا المعلم بتأنيبه، و على هذه الصخرة، و تحت ظلال تلك السنديانة جلسنا يوم كنّا في الثانية عشرة، نتغنى بأشعار حفظناها، فنردّدها فرحين معجبين !"
تلك الذكريات جميلة حلوة لن أنساها مهما طالت الأيام، و تكرّرت الأعوام.
إنّي نقمتُ على المدرسة يوم كنت داخلها، فكرهت فيها أحسن الأشياء لأني كنت أجهل حقائقها و مكنوناتها. ثم تركتها، فأحببت فيها كل الأشياء حتى أبسطها، و أكبرتُ شأنها، لأنها وضعت في يدي سلاحا أحارب به مصائب الحياة.
فالجرس الذي كانت أذناي تتخدّش لسماعه، أصبح صوته عندي أحسن من أي لحن موسيقي، و المقعد الذي كنت أدعو عليه بالكسر، صرت أودّ لو يَقوَى و يعمِّر!
يا أيها التلميذ العزيز، ستعلم مثلي ما لمدرستك عليك من فضل لكن بعد أن تفارقها و تدخل معترك الحياة. و يا ليتك تدرك اليوم ما ستدركه غدا، فتضاعفت جهودك حتى تكون في مستقبل أيامك رجلا نافعا لأمتك ووطنك.
ادمون صوايا
(بتصرف)