يوم عيد الشجرة اتجهت إلى حديقة المنزل وما إن وصلت حتى أتى أبي إليّ بشجيرة تفّاح فقمت بغرسها بعد أن حفرت لها حفرة عميقة واعتنيت بها أيما عناية فقد سقيتها و قلعت الأعشاب الطفيلية من حولها قبل أن أشذّبها.
بعد مدة ليست بقصيرة نمت الشجيرة واشتد عودها وأصبحت شجرة فأثمرت بعد أن أزهرت. ازداد اعتنائي بها أكثر فأكثر متفقّدا إياها ومُعتنيا بثمارها الشّهية.
كانت الشجرة خضراء الأوراق يانعة سمراء الجذع و لا تسل عن عظيم فرحتي لمّا رأيت حبّات التّفاح الأحمر تبرز و ترسل رائحة شهيّة. و مرّت الأيام و التّفاح ينضج شيئا فشيئا. و خرجت يوما لأتفقّدها فجأة، تفطّنت إلى وجود أغصان مكسّرة ملقاة على الأرض هنا و هناك. عبستُ و اغتظت فقد رجّت الصّدمة كلّ كياني و أطبقتُ عينيّ لأستردّ أنفاسي ثم قصدت المنزل متجهّم الوجه و ألقيتُ نظرة قاسية على إخوتي و سألت أخي :
- هل أنت من كسرّت أغصان شجرتي و ألقيتها على الأرض؟
فأجاب وهو يرتعش من الخوف :
- لا لم أفعل ، لم أدخل الحديقة منذ أسبوع .
أقبلت أختي مسرعة عندما سمعت صياحي فسألتها نفس السؤال لكنـّها أجابت قائلة :
- لا لم أفعل ، لم أقم بذلك أبدا فأنا أحبّ هذه الشّجرة و أعتني بها كذلك..
- لم أعرف الفاعل حتى الآن... و لكنّ من قام بهذا الفعل الشّنيع سوف لن ينجو من عقابي.
ثم ولجت الحديقة أبحث عن آثار و أدلــّة قد تساعدني على إيجاد المتسبب في هذه الفعلة. بحثت في الشارع عن أولاد يأكلون التفّاح لكنّني لم أجد أحدا و اختبأت في مكان مستتر أنتظر . مرّت ساعة و تلتها أخرى و أنا أنتظر في نفس المكان ، لم أتحرّك و لم يأت أحد إلى الحديقة ، بغتة لاح ابن الجيران رامي قافزا فوق السّور و همّ بقطف تفّاحة فأمسكت به و اتـّهمته بأنـّه هو المتسبّب في إيذاء شجرتي اعترف ابن الجيران بخطئه ثم خاطبته ناصحا إيـّاه :
- هل تعرف فوائد الشجرة ؟
فأجاب قائلا:
- أنا اعرف القليل عن ذلك وهي انّها تعطينا تفّاحا شهيّا يسلب العقول.
ابتسمت ضاحكا و زال عنّي العبوس و أردفت :
- إنّ للشجرة فوائد عديدة فهي تأمـّن منزلا للعصافير و السناجب و توفـّر لنا الظّلال الوارفة و تنقيّ لها الهواء وهي متعة للعين و القلب إلى جانب الثمار و الأزهار التي تزوّدنا بها فكلّ شيء في الشجرة مفيد للإنسان فبدونها يختلّ التوازن البيئي و يصبح الإنسان و الحيوان مهدّدين بالهلاك . فأجاب و قد طأطأ رأسه خجلا :
- اشتهيت حبـّة تفاح منها و خجلت أن أطلب منك ذلك .
- حسنا سأساعدك على غراسة شجرة مثلها في حديقتك ، و لكن عليك أن تعتني بها فهي تحبّ السّماد و الماء و انتبه ان يعبث بها أحد أطفال الجيران.
فهم رامي مقصدي فابتسم وقال:
- طبعا لن أترك أحدا يقترب من شجرتي.. إنّها صديقتي التي تعطيني ما أحبّه من الثّمار الشهيّة.
توجّهنا من فورنا لدكّان بيع الشتلات والشجيرات عاقدين العزم على اقتناء أجمل شجرة في المتجر.