جلس سامي في حديقة المنزل يشاهد أسراب النمل وهي تسير في نظام و دقة،
اندهش مما رأى و بقي مذهولا لبعض الوقت و لم يشعر بالنّعاس وهو يداعبه ... و حمله الحلم بعيدا ..... بعيدا ليجد نفسه في جحر واسع نظيف و مرتّب...
رأى سربا من النّمل يدخل حاملا معه قطعا من حبوب القمح و الشعير، ثم تجوّل الفتى في أروقة منظّمة كأن مهندسا بارعا قد صمّمها ... و في الحقيقة فإنّ فريقا كاملا من النّمل قد قام بهذا العمل بطريقة دقيقة جدّا، لاحظ الطفل الذّكي أن النّمل مجتمع متحضّر بكلّ معنى الكلمة، وهو يتخاطب ويقوم بكل الأعمال والمهارات ....
اقترب سامي من نملة نظيفة جميلة الشّكل كانت تعمل رئيسة لفريق كبير مهمّته السّهر على نظافة المملكة ،و بعد حوار شيّق معها ، أخبرته النّملة أن مجتمع النّمل منظّم جدا : فريق مسؤول عن تربية الصّغار والاعتناء بهم بشكل مذهل، و فريق يعمل على الدّفاع عن المملكة وعن مستعمراتها، و يقوم فريق آخر مختصّ بانتقاء الأنواع المفيدة من الطّعام، و هو لا يأخذ أي طعام يصادفه، بل يقوم بتخزين الأغذية الدّسمة ليستفيد منها في الشتاء!
اقترب سامي من حجرة كبيرة معتدلة الحرارة فإذا به يرى عشرات بل مئات من النملات الصغيرة حديثة التفقيس ، حاول الاقتراب منها لكن سربا من النمل هجم عليه محاولا منعه من التقدّم أكثر ، أحسّ الولد بالخوف يجمّد أوصاله ، صرخ بقوة ، فتح عينيه " آه يا له من حلم ، بل هو كابوس ... و لكنّني تعلّمت الكثير عن حياة النّمل" حدّث الطّفل الصّغير نفسه، ثم نهض و قصد حجرته و فتح جهاز الحاسوب وبدأ رحلة الابحار في عالم النّت ، لقد أحسّ بنهم كبير لمزيد المعرفة عن عالم النّملات العجيب ، ضغط على الزّر و إذا بكمّ هائل من المعلومات ينهمر ....
درس العلماء مجتمع النمل لقرون واستعانوا بالمجاهر والوسائل والمختبرات لإجراء التجارب على النمل
و هذا ما توصل إليه : يقوم النّمل بالزّرع وحراثة الأرض، ويقوم بتربية ورعاية الأطفال، و تعهد النملات لتعليم صغارها كل شيء تقريباً،... لدى النّمل وسائل للتّحكم بدرجة حرارة المسكن، وبالتّالي تحافظ على درجة حرارة مناسبة لها ولصغارها. والشّيء المهمّ أن النّمل يقوم بعمله طواعيّة وليس مكرهاً، فسبحان الله! ""
زادت دهشة الطفل الذّكي و ازداد حبّا للمعرفة، فانطلق يبحث بين صفحات النّت عن كلّ ما هو جديد عن هذه المخلوقات الصّغيرة.
النملة التي تنظم المرور لها طريق خاص بها طرق سريعة لا تسلكه بقية النملات وهذا الطريق تستخدمه النملة لتوجيه بقية النملات، وهناك طريق في الوسط تسلكه النملات المحمّلة بالغذاء والحبوب والمواد القابلة للتخزين، أما النملات "الفارغة" فلها طريق على الجوانب (طريق سريعة) لأن حركتها تكون أسرع من النملات المحمَّلة، كل هذا يحدث بنظام فائق الدقّة... لا يوجد أي خلل أو خطأ، سبحان الله!
يعتبر دماغ النّملة الأكبر بين الحشرات قياساً لحجمها، وبعض الباحثين يؤكّدون أن دماغ النّملة يعمل أفضل من أيّ كمبيوتر في العالم! هذه الخلايا العصبيّة لها مهمّة إرسال الرّسائل والتّواصل والتّخاطب.
لقد خلق الله للنّملة عيوناً فيها الكثير من العدسات، وخلق لها قلباً يضخّ الدّم الذي لا لون له، ولها جهاز عصبيّ وغير ذلك من الأجهزة التي تجعلها من أكثر الحشرات نجاحاً في البقاء والاستمرار، ولذلك ذكرها الله في كتابه في سورة عظيمة هي سورة النمل.
بعد ساعات من البحث عن كل ما يخص مملكة النّمل، دخلت والدة سامي غرفته فإذا به يمطرها بسيل من المعلومات يروي لها عن مغامراته العجيبة، ابتسمت الام ضاحكة ثم دعته إلى النوم لان الليل أوشك أن ينتصف و على سامي أن ينام ليستطيع النهوض باكرا لصلاة الفجر.