كَانَ الأب رَجلا طَيّبا يَشتغل سَائقَ حَافلات لا يَعرف من دنيَاه سوَى عَمَله وَ بَيته وَ مَصَالحَ عَائلته. عَاشَ مَعَ زَوجَته هَنيّا رَضيّا وَ أنجَبَا خَمسَة أطفال. و كان راضيا مبتهجا لأنّه يكدح و يعرق من أجل أن يكون قادرا على حمل القفّة ملآنة علبا و قراطيس...
و كانت الأمّ سعيدة لأنّها تكدح في البيت من أجل أن تجعله أنموذجا لجنّة صغيرة فيها الدّفء و الرّاحة و النّظام و الجمال و المائدة العامرة اللّذيذة.
و عندما يلتئم الشّمل في المساء و ينتهي الجميع من العشاء ينكبّ الأطفال على دروسهم بإشراف الأمّ و الأب معا : هذا يستظهر محفوظته على أمّه وهي تصحّح له الإلقاء و النّطق و ذاك ينجز تمرينا في الخطّ رسمت الأمّ أحرفه الأولى بحبر جميل أحمر و تلك (اسمهان) تحلّ مشكلا حسابيّا بعد أن شرح لها أبوها خطوطه الكبرى و سمير يلخّص قصّة طالعها هذا الأسبوع ليرى أبوه التلخيص و يتأكّد من فهمه للقصّة .