منذ مدّة لاحظت الأمّ فوضى كبيرة في حديقة المنزل فاتـّفقت مع صغارها على تنظيفها و تهيئتها . و في الموعد المحدّد أفاقت الأمّ بكرة فدخلت غرفة صغارها و البشر يعلو محيـّاها . "مازال الكلّ يغطـّون في نوم عميق" تمتمت الام ثمّ نظرت إليهم باسمة الثّغر ثم قالت :" نسيتم ما اتفقنا عليه يا أعزّائي ؟ هيا أفيقوا قبل أن يتوسـّط قرص الشّمس كبد السـّماء فتلفح أشعـّتها بشرتكم الناعمة . "
تململ الأطفال في أسرّتهم يمنة و يسرة ثم قالوا بصوت واحد : " أرجوك أمـّاه اتركينا نغفو قليلا فالوقت ما يزال مبكـّرا " أضافت الأمّ :" هيّا اغتسلوا و صلّوا صلاة الصّبح ثم التحقوا بالمطبخ لتتناولوا طعامكم ... لقد جادت علينا حديقتنا بالكثير أفلا نجازيها ببضع ساعات من العمل" و بسرعة استعدّ الجميع ثم ولجوا الحديقة و قد جلبوا أدوات العمل اللازمة : رفش ، نقـّالة ، مشط و مكنسة.
شرع حازم يجمع ما تناثر على أديم الأرض من أوراق و قوارير فارغة كدّسها تحت شجرة البرتقال ثم جمعها في أكياس بلاستيكيـّة أخرجها يوسف على النقـّالة و ألقى بها بعيدا عن سور الحديقة في حاوية الحي . طفقت نسرين الصغيرة تنبش التربة و تنقيها من الحصى و الأعشاب الطفيلية . أنهى الأطفال أعمال التنظيف و الصيانة فسارع يوسف بحفر حفر صغيرة بكلّ حذر و انتباه و غرسها حازم ورودا و نباتات زينة أضفت على الحديقة رونقا و جمالا ثم اتجهت نسرين إلى البئر فملأت مرشّ ماء سقت به المغروسات الفتيـّة بعناية . بعد سويعات من العمل الدّؤوب أتمّ الأطفال أعمالهم فبدت الحديقة آية في الروعة و كأنها لوحة فنية رسمت بيد فنـّان حالم.
أطلــّت الأمّ فنظرت إلى هذه الروضة الغنـّاء و قالت : سلمت أياديكم الصغيرة ، لقد بذلتم جهدا كبيرا يا أحبـّائي . فما أروع ما تلمحه عيناي . سيسعد والدكم كثيرا بإنجازكم هذا " . ردّ الأطفال بصوت واحد : عفوا يا أمـّي فهذا بفضل توجيهاتك . الآن سيحلو المقام في هذه الجنـّة الصغيرة".