خرج الفأر و البطة يوما يتنزّهان على مقربة من الغابة فوجدا سهلا فسيحا ، واسع الأرجاء ، منطلق الهواء يجري به نهر صغير هادئ ، تملؤه خضرة بديعة زاهية . وقفت البطـّة بُرهة تنظر الى السّهل الجميل ثم قالت :"
- ما أجمل هذا المكان يا صديقي !"
- و ما أحسن هذا النهر الصغير !
- و ما أجمل بيتا يكون لنا في هذا المكان الهادئ البديع !
أجاب الفأر و قد أعجبته الفكرة :
"حقا يا صديقتي ، إنها فكرة رائعة ! ما المانع من بناء هذا البيت ؟ "
و بينما هما يبحثان عن مكان لائق لبناء البيت إذ قدم عليهما عصفور فحيّا و سلـّم ثم قال سائلا :
- عمّ تفتـّشان أيها الصديقان ؟
و لمّا أعلماه بالمشروع ، نظر الى صديقيه راجيا متوسّلا :
- أشركاني معكما يا صديقيّ ، ليكون هذا البيت فسيحا يؤوينا نحن الثّلاثة
اتّفق الثّلاثة على بناء البيت ، و ذهبوا يجمعون الحجارة و الخشب و يجهزون كل ما يلزم و ظلوا يعملون معا ، لم تثنهم حرارة الشمس و لا هبوب الرّياح عن مواصلة عملهم بل كانوا يأخذون قسطا من الرّاحة ثم يعودون للكدّ و الاجتهاد حتى أتمّوا بناء البيت .
كان بيتا صغيرا منظّما تزيّنه الأشجار و الأزهار .
صمت العصفور برهة ثم قال: أصدقائي نحن حيوانات ضعيفة و لكي نعيش علينا ان نتعاون و نتقاسم الأدوار: أنت أيها الفأر عليك جلب الماء كلّ يوم و خزنه في الفسقيّة ، و أنت أيتها البطة عليك طبخ الطّعام فأنت طبّاخة ماهرة حاذقة تُحسنين التّصرّف و عدم التّبذير ، أما أنا فعليّ جلب الحطب و المؤونة من الغابة كلّ يوم . "
وافق الثلاثة على ما قاله العصفور و عاشوا في بيتهم سعداء رغم اختلاف أنواعهم.
حقّا إنّ التّعاون و تبادل المنافع هو السّبيل لحياة هادئة مطمئنّة !