نزهة في الطبيعة
خرجت الشّمس من مخدعها اللّيلي معلنة عن ميلاد يوم جديد يحمل بين طياته طقساً ساحرا ونسيماً عليلاً فعزم السّيد حامد على الخروج في نزهة مع عائلته إلى عين دراهم .
تحرّكت عجلات السيّارة في بطء ثم جعلت عجلاتها تطوي الأرض طيّا. كانت فريال تنشد ألحاناً عذبة في نشوة وسرور بينما كان الزوجان يتجاذبان أطراف الحديث وكلهم رغبة في اسكشاف المكان فلطالما سمعا عن جمال هذا المنطقة الخضراء و عن عذوبة هواءها و روعة غاباتها .
وصلت السّيارة و نزل أفراد العائلة و كلّهم شوق لرؤية المكان المقصود . انبهر الجميع بما حبا الله الطّبيعة من جمال فاتن خلاّب فلقد اكتست الأرض حلــّــة خضراء قــشــّـية وتفتــّحت فيها الأزهار الفوّاحة ففاض عطرها وملأت الجو عبيرا وشذى فابتسمت الأم وقالت :" أنظروا هذه البقاع الواسعة إنها تفتح لكم ذراعيها من كل جانب وتدعوكم للتــّمتع بها " .
على الفور ، بسط الأب غطاءً على العشب الغضّ ووضعت الصّبية ما لذّ وطاب من الأطعمة وبينما هم يتمتــّعون بمناظر الطــّـبيعة السّاحرة إذ هوى عصفور صغير من أعلى شجرة سامقة مورقة، لمحته فريال البنت الحنونة فأسرعت نحوه وهو يتخبّط محاولا الطّيران ، رقّ قلبها لحاله فأخذته بين يديها الناعمتين ثم تسلــّــقت الشّجرة بحذر وأرجعته إلى عشـّه. أخذ العصفور يشدو ألحانا عذبة تسرّ القلب كأنّه يشكرها على تصرّفها النّبيل وعطفها وحنانها عليه . استحسن الأبوان صنيع ابنتهما فريال و شعرا بالفخر على مبادرتها الطّيبة النّبيلة و على شجاعتها عند تسلّق الشّجرة لأوّل مرّة في حياتها من أجل إنقاذ هذا الكائن المسكين.
وانقضى اليوم هادئا وديعا نسيت فيه العائلة ضوضاء المدينة وهوائها الملوث، وعندما شارفت الشّمس على المغيب عاد الجميع أدراجهم إلى البيت وقد انبسطت أسارير وجوههم وعلت عليهم علامات الانشراح والغبطة .