تغيّر الطّقس و بدأت أوراق الخريف تسقط من الأشجار و تتقاذفها الرّياح يمينا و شمالا . دخل الأب حديقة المنزل ليتمتّع ببعض الاسترخاء و الهدوء و لكنّه لاحظ فوضى كبيرة تلفّ المكان المحبّب الى نفسه فاتّفق مع صغاره على تنظيفها و تهيئتها.
و في الموعد أفاق الأب منذ نسمات الفجر الأولى تملأه السعادة و النّشاط وولج غرفة صغاره و البشر يعلو محيّاه . نظر إليهم و تساءل بصوت عال : " مازال الكلّ يغط في نوم عميق ؟ " ثم خاطبهم بكلّ حزم " أنسيتم ما اتفقنا عليه ؟ هيّا أفيقوا قبل أن يتوسّط قرص الشمس كبد السّماء فتلفحكم الشّمس بأشعّتها الحارقة "
و في لمح البصر استفاق الجميع ثم استعدّوا لبداية نشاطهم فدخلوا الحديقة و قد جلبوا أدوات العمل اللاّزمة ( رفش – نقّالة – مشط – مكنسة )
شرع أحمد يجمع ما تناثر على أديم الأرض من أوراق يابسة و أعواد مكسّرة ثم جمعها في أكياس بلاستيكية و أخرجها الأب على النّقّالة و ألقى بها في حاوية الحيّ . شرعت ياسمين تنبش التّربة و تنقّيها من الحصى و الأعشاب الطفيلية و القواقع الفارغة و تلقيها في حاوية.
أنهى العمّال الصّغار أعمال التنظيف و الصّيانة فسارع الأب يحفر حفرا صغيرة ثم غرسها ورودا و نباتات زينة أضفت على الحديقة رونقا و جمالا. و في نهاية عملهم اتجهت نسرين إلى الحنفيّة فملأت المرشّ ماء سقت به المغروسات الفتيّة بكل عناية .
لم يمضي وقت طويل حتى أتمّ الأطفال أعمالهم فبدت الحديقة في أبهى حلّتها . أطلّت عليهم الأمّ و في يدها طبق من المرطّبات الشّهيّة مكافأة لهم على مجهوداتهم القيّمة . نظرت إلى هذه الروضة الغنّاء و قالت " سلمت أياديكم لقد بذلتم جهدا كبيرا يا أعزّائي؟ ردّ الأطفال بصوت واحد "عفوا يا أمّنا فهذا واجبنا، لقد تعاونّا مع بعض لذلك كانت نتيجة عملنا رائعة".
حقّا "يد الله مع الجماعة".