زار عمر حديقة الحيوانات رفقة أبيه فأعجب بما تحويها من حيوانات مختلفة. وقف أمام فيل فاستغرب من طول خرطومه و من ضخامة جسمه. إنه يلتهم الأعشاب التهاما حيث انه لم يُبقي من كومة العشب شيئا. و توجه عمر بعد ذلك إلى حوض التماسيح و طلب من والده البقاء فترة ليتمكّن من متابعة حركاته. هناك العديد من التماسيح التي تسبح وسط الحوض و رؤوسها تطل فوق سطح الماء. قال عمر: "ما به ذاك التمساح؟ لقد فتح فمه ، إنه يضحك، فما السّبب يا ترى؟" تبسّم الأب برهة ثم لزم الصّمت و لم يفسّر لابنه تلك الظاهرة حتّى يتركه يكتشف السرّ لوحده. و فجأة حطّ عصفور صغير على رأس ذلك التمساح و التفت يمنة و يسرة. فماذا سيفعل يا ترى؟ دخل العصفور وسط فم التمساح وبدأ يلتقط من أسنانه أشياء، و صاح عمر قائلا:" مسكين ذلك العصفور سيكون لقمة سائغة للتمساح، سأقذفه بحجارة حتّى يطير و ينجو بنفسه" و تملـّكته الحيرة و أخذ يتابع الموقف. و الأب لا يحرّك ساكنا ثم نهى ابنه عن القيام بأيّ تصرّف . بعد فترة طار العصفور و أغلق التمساح فمه و عاد إلى الحوض. تعجّب عمر من الأمر و طلب من أبيه تفسير ذلك.
فقال الأب "حسنا يا بنيّ ، أنت قبل النوم و كلّ صباح تفرك أسنانك بالفرشاة و المعجون لتنظيفها من الطّعام . و أيضا ذلك التمساح ينظّف أسنانه بعد الأكل. و العصفور الصّغير الذي شاهدته هو الذي يقوم بعمليّة التنظيف و ذلك بالتقاط بقايا الطّعام التي علقت بين أسنانه فقال عمر :" سبحان الله ، لقد ظننت أنّ التمسح قد نصب شركا للعصفور و بقي فاتحا فاه حتى يفاجئه و يأكله."
أردف الأبو علامات الحزن على وجهه و نظره شارد نحو الأفق : "الحيوانات تتعاون فيما بينها من أجل تحصيل المنفعة و الفائدة لها جميعا .... إلاّ نحن بنو البشر لازلنا نتصارع و نتقاتل فيما بيننا على دنيا زائفة ..."